هنالك تصور لدى اغلب الناس في العراق والعالم وهو التشاؤم والاحساس بالضيق وقت الغروب، فمن اين جاءت هذه المشاعر حتى اننا حتى الآن في العراق نمنع اطفالنا من الخروج وقت الغروب، ونمنع بناتنا من كنس وتنظيف البيوت وقت الغروب، وايضاً نمتنع عن السفر وقت الغروب ولا نقوم بكثير من الاعمال اليومية والحياتية وقت الغروب. وعندما تسأل الآباء والامهات لماذا هذه الممنوعات وقت الغروب يكون الجواب دائماً وباختصار شديد”ما يصلح“ فمن اين جاءت عدم الصلاحية هذه؟
لقد فسر بعض علماء النفس الغربيين التشاؤم وقت الغروب في ان هذا التشاؤم او هذه الحالة النفسية هي امتداد لمشاعر الانسان الاول الذي كان يسكن الكهوف. ففي الليل يعيد الصخرة الى باب الكهف ويدخل الى كهفه مع عائلته لأنه يتصور ان الظلمة وجدت للكائنات الخرافية، ولهذا فان الشرور تحصل في الليل، ولذلك يبدأ يخاف في وقت الغروب عندما يحس بقدوم الليل، ويقول هؤلاء العلماء ان هذه الحالة النفسية اثرت في جينات الانسان وبدأ ينتقل هذا الشعور من جيل الى آخر حتى وصل في الوقت الحاضر، وما هو الا مشاعر وراثية وصلت الينا من اجدادنا، كما وصلت الينا صفاتهم الوراثية الاخرى في اجسادنا مثل الطول والقصر واللون والعصبية والهدوء وغيرها. فالصفات الانسانية تتوارث وتنتقل من جيل الى آخر.هذا هو تفسير العلماء النفسيين الاوروبيين، وهذا هو احدث تفسير نشر في المجلات العلمية النفسية الاوروبية، ولكن هذا التفسير حقيقة قد لا يفسر الحالة كلها، فهناك اشياء نفسية كثيرة قد اغفلها هذا التفسير ولكنه اصاب في شيء واحد هو التراكم النفسي الوراثي، ففي العراق القديم في ديانته القديمة التي تؤمن بوجود الجن، وهذا الجن هو المسؤول عن كل المشاكل النفسية والصحية والاقتصادية والاجتماعية، فان الانسان القديم يتحاشى وبكل قوة وصول الجن اليه او الى عائلته، هذا من جانب، والجانب الاهم فان الانسان القديم كان يتصور ان وقت خروج الجن من جحورهم يكون وقت الغروب، يبحثون عن اي انسان يصادفونه فيلتصقون به قبل اكتمال الظلام، فان الجن الذي لا يجد بشراً يلتصق به يعود فاشلاً الى جحره، ولذلك فان الانسان القديم كان يمنع اطفاله او اهل بيته من الخروج خارج البيت وقت الغروب كي لا يلتصق به الجن، لأن دخول الجن الى جسم الانسان يعني الويل والثبور لصحته ومستقبله ورزقه وعقله، لذلك فان الانسان القديم يحاول ابعاد نفسه عن مدة بحث الجن عن فريسته، وقد يقول قائل: لماذا لا يدخل الجن الى البيوت ويلتصق بمن يشاء من الاطفال او من الناس، فالانسان القديم احتاط لهذا الشيء ووضع في بيته كل الاسلحة الدفاعية المضادة للجن وقت الغروب واقوى سلاح دفاعي يخشاه الجن هو البخور والحرمل، فهناك انواع من الابخرة والاعشاب تحرق الجن وتسممه، ولذلك فان كل النساء وقت الغروب يقمن بحرق هذه الابخرة وهذه الاعشاب، وهذه الاعشاب تجعل الجن بعيداً خائفاً مطروداً من تلك البيوت التي تفوح منها الابخرة، ولهذا استمر تقليد الخوف من الجن وقت الغروب حتى الآن في تقاليدنا الفلوكلورية العراقية منذ زهاء سبعة آلاف سنة، اذن هذا هو السبب لمخاوف امهاتنا من خروجنا واللعب وقت الغروب، ويبقى التفسير الاوروبي تفسيراً يفيدنا بأن هذه المخاوف القديمة انتقلت الينا من جيل الى آخر في جيناتنا الوراثية، ولهذا اصبح لدينا شعور بالكآبة وقت الغروب، ويضاف اليه عامل آخر هو ان وقت الغروب يعني انتهاء النهار وقدوم الليل فان النهار يجعلنا نحس بانتهاء فرصتنا في تحقيق شيء ما في هذا اليوم، فالانسان يملك طموحاً يجعله يتصور انه ما دام الشيء لم ينته، فهناك ثمة امل في تحقيق شيء ما ووجود بعض النور يجعلنا لا نفقد الامل في تحقيق الكثير مما جعلنا نستيقظ في الصباح من اجله، ولكن وقت الغروب يعني انتهاء الفرصة وتلاشيها مما يضعنا في جو نفسي من الاحباط يكون لدينا شعوراً بالكآبة، وقد يقول قائل ليس كل الناس لا يحققون شيئاً كبيراً في نهارهم نرد عليهم بأن هذا الشعور بالكآبة لا يأتي دائماً في كل الايام، بل في بعض الايام، وكل هذه الاشياء تراكمت وتضافرت وجعلت من البعض منا يحس في بعض الايام بالكآبة وقت الغروب؟؟
وانت هل تتشائم ام لا ؟
هناك تعليق واحد:
Salut!
http://elanavev.Blogspot.com
إرسال تعليق